الاستــاذ الســورقي : فوضـــــى الفضائيــــات في الواقع العربـــــــــــي

فوضـــــى الفضائيــــات في الواقع العربـــــــــــي
بقــلم الزميـله
الاستاذه/ ميرفت حـداد

هـا نحــن اليوم نمــر بوقـت عصيب في واقع يكاد أن يكون ناسفاً

يغـرّب آمالنا ويغتال من حضارتنا وثقافتنا ويطمس بهويتنا في كل

لحظة نتماهى فيها ..
لقد بلغ الهـزال مـــداه لأمتنا العـربيــة بعد أن عاشت ردحـا ًمـن

الــزمن وهي تمــد الحضـارات الأخــرى بالكثيـر من علومها ومعــارفــها ..
وكما يبدو لنا أنّ التاريخ الإنساني قد شهــد لنا عبر المراحل المختلفة بتلك المكانة التاريخية ..
ولكن هاهو واقعنا العربي قد أتسم بخطورة هذه المرحلة في عصر

بات ضحل يسعى لإبتلاع كل الخرائط والهويات العربية
نعم هويتنا العربية بالتحديد .. فنحن المدعو علينا العرب نشهد

واقعاً يعدنا بمآزق فكرية فوضوية لاحصر لها ولكن لم يخطر ببالنا
إلى متى الحقيقة تساومنا بالتناسي ؟!..أوليسَ لنا الحق في المواجهة ؟!..بالتأكيد نستطيع فعل شيء ما .. ولكن ماذا لو صمت العقل عن التفكير وجنح اللسان عن الكلام .. أظننا لن نجد إلا تراكمات سيكمن معها مصيرنا وقد يتماهى في فراغ كوني ..
و مازلنا لا ندرك هل نحن من غيّب الإرادة أم الإرادة هي من غيـّبتنا ؟!..
القراء الكرام :
مازلنا نعيش مناخات فكرية متقلبة .. ردّدنا فيها الكثير من الشعارات وبقينا على مانحن عليه بلا حراك وبلا خيار ..تلكم تساؤلات تفرض ذاتها حين تحضر التوقعات بقوة تداهم العقل
وتحفزه وتنشط جدار الذاكرة التي ماتزال تنسج في أخاديدها بقايا حقيقة ..
وبين واقع مرير وأجوبة غائبة ماتزال تعيش في كنفه ماتزال لدينا إحتمالات كثيرة.. فهل سنظل نتخيل ..نتوقع ..وننتظر بينما نتحدث عن المسؤولية ونحاول أن نفسرها كما ينبغي في ظلال المعاني !!..أظننا لسنا بحاجة لتفسير فالمسؤولية إسم عربي فصيح !!..
إن تلك المسؤولية تقودنا إلى واقع مؤلم ونحن نرى شبابنا العربي كيف أصبح اليوم متاثراً بالأفكار الغريبة دون مراعاة للتقاليد العربية ..
متى ستقرع أجــــــــراس الخطــــــــر ؟!..سؤال يفرض ذاته ..
ومن أجل الإجابة عليه سعياً وراء التغيير الحتمي لابدّ من المواجهة وذلك بتعقب الذات ومحاسبتها و صنع قدراً مصيرياً لأمتنا التي باتت تتهاوى في مستنقعات التبعية والإزدواجية ..نعم نستطيع فعل شيء ما إن لم نتخاذل ونخضع لكل تلك الآفات الغربية التي تبث سمومها وتزعزع كيان أمتنا الاسلامية بشتى الطرق والوسائل ..وأظنها قد باتت معالمها واضحة ولانحتاج إلى عدسات مجهرية لرؤيتها ولم نعد بحاجة لتفحصها ..فخطط الغرب تنسج ذاتها يوماً بعد يوم في مجتمعاتنا العربية وهاهي تؤدلج أفكارها في عقول شبابنا وفتياتنا للنيل من حضارتنا وعاداتنا وتقاليدنا ولكن عزائي أن ديننا الاسلامي لايقبل بالخضوع ولا الإستسلام ..
كيف سنواجه تلك الفضــــائيــــــات وفوضاها ؟!..
بمحاربة أنماط ذلك العبث وأشكال تلك الفوضى ..فنحن أمة لم نأتي من فراغ حتى نتعايش مع فراغ ذلك العبث ..أولسنا نحن من نشأ في بيئة خصبة ملية بالقيم والمبادئ ..فكيف لنا أن نتجاهلها ونحولها بتخاذلنا إلى فقاعات في الهواء؟! ..نعلم اليوم كيف هم يحاولون طمس هويتنا وتحويلها إلى عدم ..
في هذا الواقع المرير نحن مانزال نمتلك الوعي ونستمد بالمنطق ونرتكز على الحقائق..
كما يبدو لي بأننا أمة لو أمتلكت الإرادة المغيـّـبة لأنطلقنا بحوار آخذين بالرأي والرأي الآخر ولتمكننا من خلق واقع مغاير لما هو عليه الآن.. واقع من صنع أيدينا ..
نحن نستطيع أن نكون المنقذ والمخلص في آنٍ واحد أمام تلك الفوضى والتي باتت تطرح نفسها بقوة في معظم الفضائيات العربية !!..نحن في عصر التقنيات والصور التي وصلت إلى أقصاها على شاشات التلفاز !!..
ماذا لو نهضنا بعد قرع الأجراس وتحركنا بجدية وأصبح لنا دوراً إيجابيا ًغير هامشيا ًفي المواجهة دون تقصير ودون غفلة منا ..وبرأيي لِمَ لا نولج في بؤرة التحدي ؟!..ولِمَ لا نفخر بحضارتنا وأصالتنا والتي يحاولون إبادتها وأن نكرس الهمة والغاية بعمق إنساني..

لقد عرفنا ما دور المثقف العربي في رصد تلك الظواهر السلبية في مجتمعاتنا العربية ؟!طبعاً في ظل الحرية المسموحة له ..

لقد شهد العالم العربي نقلة نوعية غير عادية ..وأصبحت تلك الفضائيات المتنافسة خاضعة بأفكار وآليات الغرب خاصة بعد سيادة عصر العولمة الذي فرض علينا التبعية هنا وهناك ..
أسئلة كثيرة ستفرض ذاتها ونحن نتعمق في فوضى الفضائيات ..متى تقرع أجراس الخطر ؟! ..أظنه سؤال يتكرر ويفرض ذاته كثيراً ولاجدال في أنه يرسم معه صوراً شتى للواقع الذي نمر به ..إن الإجابة على تلك التساؤلات ستبحر بالإرادة بإنسياب داخل معطيات الروح ..وستأتي بالعزيمة من مدائن النور..
هانحن قد أمسكنا بلجام الحقيقة..وأظننا الآن لن نتقن المكوث كثيراً في موقف المتفرج وشباب العالم العربي تقوده أفكار الغرب إلى الهاوية ..
ها قد أدركنا معاً كم يجدر بكل مثقف أن يكون لصوته تأثير ..فمساحة الحرية جاءت للتعبير عما يدور في هذه الأمة وكل الاقلام الجادة راصدة لكل تلك الصور وأظنها ستسعى لرسم واقع أفضل بكثير مماهو سائد الآن ..
إن الفضائيات العربية تتفاقم وتتزايد وإذا أمعننا النظر فيها لوجدنا

معظمها تتنافس لأجل نشر السموم الغربية في يوميات المواطن

العربي ماعدا بعض القنوات الإخبارية الجديرة بالإحترام كقناة

الجزيرة الإخبارية والراصدة للأحداث العربية بعين
الحقيقية ..ولكن ماذا عن القنوات الأخرى التي تبث أغاني هابطة
ومسلسلات عديدة لاقيمة ولاحصر لها ..وبرامج منسوخة ومنها ماهو مقتبس من أفكار غربية عدا تلك الإطلالة

لبعض المذيعات العربيات والتي تجمع الواحدة منهن أكثر من

مهنة من عارضة أزياء إلى مذيعة إلى ممثلة وأخيراً

تصبح مطربة !! أو العكس !!

ومما لاشك فيه إنّ الإعلام العربــي يتحمل الجزء الأكبر من تلك

المسؤولية ولكن مادور الأمة ونحن على يقين بأن المسؤولية

قضية مشتركة بين الجميع ..
الإنسان العربي يحيا راضيا ًبالمكتوب وينتظر زمنا ًيحمل له التغيير

والحقيقة إنّ ذلك الزمن قد لايأتي إنْ لم يرتبط بالإرادة والخيار وصنع القرار ..فالأوضاع السائدة هي من صنع البشر فالأفراد هم من يخلقون الظروف والواقع ..
فلو فكر المواطن العربي وتمعن بعمق لأشهر في وجه تلك
الفوضى سيوف الحق وتمنع عن تداول تلك السموم الغربية المنسوجة في واقعنا عبر تلك الفضائيات المتنوعة والمتجددة..
إن الوعي الثقافي ونشره هو أمر محسوم فإجتثات السموم الغربية
هو مانسعى إليه من هذا المنطلق وأمام فوضى الفضائيات علينا أن نحاول ونحاول وأن نرفض كل ماهو مفروض ..وإن كانت محاولاتنا هزيلة الآن لابدّ وأنها ستقوى ذات يوم ..فالإستمرارية والمحافظة على مبادئنا الأصيلة هي مسؤولية أخلاقية ملقاة على كل فرد ومواطن عربي ..لذا يتوجب علينا أن نناضل من أجلها حفاظا ً على حضارتنا من الإندثار .

وحفاظاً على هذا الجيل الذي يتعرض لهجمات مدمرة علينا أنْ نخرجه من حالة التيه ويفترض بنا أن نحميه بكل ما أُلهمنا من قوة شاؤوا هم أم أبـوا ..
فالغرب يجيدون فن الضحك علينا ..وماعلينا إلا أن نردم ينابيع أفكارهم وأن ْ نفخر بحضارتنا ونوالي الإخلاص ..فبالإخلاص يكون الخلاص من كل تلك الآفات وتلك السموم ..ولحصاد بذور الانتصار ماعلينا إلا البدء للمواجهة من بين ثقوب التحدي فلا نرضى بالتقصير ولانعترف بالفشل ..علينا أن نحاول فلعلنا ذات يوم نصل لشيء ما..
ينبغي أن نفك وثاق الحصار لتلك الفوضى التي جعلت المواطن العربي أسير لها ..جميعنا يدرك أسرار تلك الآلة ..لابد من أن نتحرر من تلك التبعية ومن ذلك الظلام المتقن وأن نتمسك بلجام الحقيقة ..

أعزائي القراء العرب كلنا نقيم تحت السماء العربية .. فهل سنظل

ننتظر الخلاص من سماء أخرى غير سماؤنا؟! ..

آن لنا أنْ نحضى بشرف الإعتراف بأنّـا محظوظون كثيراً بالعقل ومازلنا قادرون على النطق وهانحن بالإنتظار لتحقيق الإنتصار المدوِّ فلعل مع كل صاحب فكر وقلم تنهض مجتمعاتنا العربية من جديد للحفاظ على حضارتنا التي مدتنا بالحق والقيم والحرية .