ينطبق المثل الشعبي القائل بأن (فلان يخاف ولا يستحي) على القيادات العربية التي تجثم على صدور الشعوب العربية منذ عشرات السنين, بعد ان انتهت صلاحياتها بانتهاء ما تستطيع تقديمه سوى تكريس كفاءتها وطاقاتها من اجل ترسيخ وجودها بطرق شرعية وغير شرعية, الامر الذي يستدعي بالضرورة تفشي الفساد والقمع وكبت الحريات وتهريب الاموال وتكديسها في خزائن وقاصات حديدية داخل القصور والقيام بكل ما لا تحتاجه الشعوب العربية المستضعفة.
الزعامات العربية وغالبيتها وصلت الى الحكم عن طريق انقلابات عسكرية او خرجت من رحم القوات المسلحة وتمسكت بالسلطة بأهدابها وهي تتشابه في طريقة الحكم وإستعباد الشعوب, فكلها تزور الانتخابات وتعدل الدساتير او تعلق العمل بها بعد ان تطوعها بما يخدم مصلحة بقائها في الحكم, وكلها على الاطلاق (من ينجح بذلك ومن لم ينجح) تعمل من اجل التمديد, وعندما تنتهي صلاحيتها تبحث عن التوريث, واذا لم يكن لديها من الاولاد من تورثه كما تتطلب ذلك الدساتير فانها تعمل على توريث الحكم لنسائها كما كان يجري الإعداد له في تونس والجميع يعلم ذلك.
مشكلة هذه الزعامات انها تصل الى واقع كاريكاتيري عندما تفاجئها الاحداث وتكتشف بأن بقاءها اصبح في مهب الريح فتبادر الى الاعلان بأنها اكتشفت الحقيقة وفهمت متطلبات المواطنين وحاجاتهم, وعندما تبدأ في السقوط تحت ضغط الشارع والرأي العام فان مواجهتها لرياح التغيير واساليب التصدي لها تتشابه وتتطابق مع وسائل تمسكها بالسلطة حيث تتنوع ما بين القتل واطلاق النار على الجماهير وتزوير الحقائق والكذب في الوقت الذي تكون فيه جميع الخيوط قد أفلتت من ايديها ولا تجد بلدا يرضى باستضافتها وان تم ذلك فعلى مضض.
الزعامات والقيادات العربية وبطريقة هزلية متشابهة باتت تتخذ في الوقت الضائع اجراءات استدراكية للحفاظ على مواقعها المتهاوية وتحاول تلافي مصيرها, وفي هذا السياق تعلن بعض هذه الزعامات وبعد فوات الاوان على وقع المسيرات والمظاهرات التي تطالب بتنحيها انها لن تعمل على تمديد الحكم ولا تسعى الى توريثه, وبعضها الآخر يعلن بأنه لن يرشح نفسه لولاية ثانية فتسارع الاجهزة الحكومية في بلده بالتصريح بأن هذا الاعلان لا علاقة له بالاحداث الجارية في الوطن العربي الآن, وفي اماكن اخرى تقوم الزعامات بالاعلان عن تعديلات على الاجور وتخفيضات على الاسعار وتغيير في انظمة الدعم والحماية الاجتماعية والتأمينات الصحية, وفي اماكن اخرى يتم الاعلان عن خطط وبرامج مستعجلة وفي الوقت الضائع ايضا من اجل الاصلاح السياسي وتتراجع في بعض هذه الدول وتنكمش حركة مراكز القوى واصحاب النفوذ في حالة اشبه ما تكون بالانحناء للعاصفة.
الزعامات العربية المستبدة التي وضعتها الظروف في مواقع المسؤولية تخاف ولا تستحي والمطلوب هو العكس من اجل ان يكون اساسا لقدرتها على الحكم العادل والنزيه.