سليمان المهدي مشرف منتدى المقهى الادبي
الاوسمــه : الاوسمــه : عدد الرسائل : 129 تاريخ الميلاد : 07/03/1984 العمر : 40 المزاج : متشيطن محـل الإقـامـه : رازح _ صعدة نقاط : 188 تاريخ التسجيل : 19/05/2009
| موضوع: هوى كل نفس حيث كان حبيبها السبت نوفمبر 20, 2010 1:04 pm | |
| لَئِن حالَ رَسمُ الدارِ عَمّا عَهِدتُهُ فَعَهدُ الهَوى في القَلبِ غَيرُ مُحيلِ يولّد المكان شعريّة خاصّة به ، قد تأتي من الحبّ بقدر ما قد تأتي من المقت ، ولا ريب أن المكان يبدو في الإبداع الشعري أروع مما هو في الحقيقة ذلك ، أن الشاعر يصور الجمال في المكان وينظر له بنظرة شاعرية متميزة عن النظرة العادية ، وهنا تظهر مقدرة الشاعر الخيالية والتصويرية حيث يبدع صوراً لا يتخيلها غيره من الناس ، فنجد بعض الشعراء يفضل أماكن مخصوصة لأن له عاقة ما بها أو لأنه يحبذ فيها نمط من العيش محدّد نتأمل في بيت رائع لأحمد شوقي ( شاعر الأمراء ) خيمةٌ في البيد خيرٌ من قصور تبخلُ الشمسُ علَيها بِالمرور هنا يفضل الخيمة على القصر لأن الخيمة تزدهي بمرور الشمس عليها بينما القصر تحجب أسواره مرور الشمس فهو لا يحسن أن يعيش المكان بلا شمس . طالما أحببنا مكاناً ما لأن له في مخيلتنا تذكار نقشناه بحروف الهوى أو بدموع الجوى ، ومن يبتعد أو يهجر يشعر بمدى تعلقه بأماكنه التي عاش فيها من طفولته إلى شبيبته ويدرك قدر الذكرى التي مرت به في هذا المكان أو ذاك خاصة الذكرى المتعلقة بالأهل والأحباب فلها في النفس وقع يكون بمثابة الوشم في التصور والشعور . نرى شاعر البادية عمر الفرا في قصيدة الغربة كيف يصور ارتباطه بالمكان وتفاصيله ويتمنى أن يحمل إلى ذلك المكان ( فمن لي للهوى العذري يحملني إلى صحرائنا الحلوة إلى لحنٍ إلى غنوة إلى جملٍ إلى هودج لزهر الشيح والعوسج إلى القيصوم والحرمل إلى ظبيٍ نجفّله فلا يجفل إلى بدويةٍ نسيت نسيم الليل يعبث في ضفيرتها ولا يخجل وضوءُ البدر طرّز ثوبها المخمل هو الثاني يداعبها ولا يخجل ) هنا نرى شاعرية فذة تتخيل المكان بتفاصيل جمالية فيها الزهور والألحان والنسيم وضوء البدر والثياب المخملية والضفائر الناعمة ، وهكذا يخيل لنا الجمال من منابعه التي يستقيها الشاعر من المكان الذي ارتبط به وتوثق بعراه . ودوماً يكون ( هوى كلّ نفس حيث كان حبيبها ) وحيث هذه توحي هنا فقط بالمكان ، فحيث كان الحبيب يكون الهوى ويكون الخيال والشعور ويبنى ويهيأ الرسم الأمثل لهذا المكان أو الدار فيأتي الحس يصوّر مواطن الجمال وتفاصيله وأثره في النفس . في وحل الاغتراب يتهم المرؤ نفسه بالتنكر للمكان وفي هذا تجني وظلم ، فالنفس تحاول أن تبدي تجلداً أمام العوائق التي يسببها الرحيل والغربة ، ولو نستدرج أهواءنا كلما نبتعد عمن نحب وننزع إلى أوطاننا بقدر اللهفة الأولى لذهبت أنفسنا في هوى حب المكان وساكنيه .[right] | |
|
السورقي مديـر إدارة المنتـدى
الاوســمه : الاوسمــه : عدد الرسائل : 3225 تاريخ الميلاد : 05/10/1965 العمر : 59 المزاج : رسالي الفكر محـل الإقـامـه : المملكه المتحده نقاط : 3756 تاريخ التسجيل : 19/01/2009
| موضوع: رد: هوى كل نفس حيث كان حبيبها السبت نوفمبر 20, 2010 1:35 pm | |
|
إبداع ينساب من عذباً ايها السليمان الاديب .. حروف تضيئ القاً وكلمات تزهو أدباً
هو قلمك الذهبي الذي تنحني له السطور ليمر بين ضفتيتها سامقاً
| |
|
سليمان المهدي مشرف منتدى المقهى الادبي
الاوسمــه : الاوسمــه : عدد الرسائل : 129 تاريخ الميلاد : 07/03/1984 العمر : 40 المزاج : متشيطن محـل الإقـامـه : رازح _ صعدة نقاط : 188 تاريخ التسجيل : 19/05/2009
| موضوع: رد: هوى كل نفس حيث كان حبيبها السبت نوفمبر 20, 2010 10:37 pm | |
| - الســــورقـــي كتب:
إبداع ينساب من عذباً ايها السليمان الاديب .. حروف تضيئ القاً وكلمات تزهو أدباً
هو قلمك الذهبي الذي تنحني له السطور ليمر بين ضفتيتها سامقاً
أهلاً بهذا الحضور البهي أشكرك على هذه الذائقة الفذة أستاذي أرجو ان أكون عند حسن ظنك بصغير تلاميذك تقبل ألف تحية بعبق الحرف الشريف | |
|
عمر الشايف المراقب العــــام
الاوســمه : الاوسمــه : الاوسمــه : عدد الرسائل : 1417 تاريخ الميلاد : 28/07/1988 العمر : 36 العمل/الترفيه : طالب المزاج : رايق محـل الإقـامـه : السبرة اب نقاط : 1553 تاريخ التسجيل : 26/01/2009
| موضوع: رد: هوى كل نفس حيث كان حبيبها الإثنين نوفمبر 22, 2010 6:40 am | |
| هوى كلّ نفس حيث كان حبيبها
فعلا فمكان المرتع والصبا ويرسم في العقل صورة اشتياق وشوق مستمرة آزلية لاترسمها اماكن البعد الاخرى انظر مثلا الى قيس وشدة الشغف لمكان ليلى
رحيل ليلى وأهلها ولما علم أبو ليلى أن قيساً، بعد أن نُهي عن زيارة ليلى، بقي يطلب غِرَّةً منهم حتى يتمكنَ من الزيارة، ارتحل وأهله عن دارهم وابتعدوا. وجاء المجنون عشيةً فأشرف على منازلهم فإذا هي منهم بلاقعُ، فقصد منزل ليلى الذي كان بيتُها فيه، فألصق صدره به وجعل يُمرِّغ خديه على ترابه ويبكي، ثم أنشأ يقول: أَيا حَرَجاتِ الحَيِّ حينَ تَحَمَّلوا ** بِذي سَلَمٍ لا جادَكُنَّ رَبيعُ وَخَيماتُكِ اللاتي بِمُنعَرَجِ اللِوى ** بَلينَ بِلىً لَم تَبلَهُنَّ رُبوعُ أَلا هَل إِلى لَيلى قُبَيلَ مَنِيَّتي ** سَبيلٌ؟ وَهَل لِلناجِعينِ رُجوعُ؟ نَدِمتُ عَلى ما كانَ مِنّي نَدامَةً ** كَما نَدِمَ المَغبونُ حينَ يَبيعُ لَعَمرُكِ ما شَيءٌ سَمِعتُ بِذِكرِهِ ** كَبَينِكِ يَأتي بَغتَةً فَيَروعُ إِذا ما لَحاني العاذِلاتُ بِحُبِّها ** أَبَت كَبِدٌ مِمّا أُجِنُّ صَديعُ ومن أرقِّ ما قال: فمن أجلها ضاقت عليَّ برحبها ** بلادي إذا لم أرضَ ممن أجاورُهْ ومن أجلها أحببتُ من لا يُحبني ** وباغضت من قد كنتُ حِيناً أعاشرُهْ أتهجرُ بـيـتـاً للحبيب تعلقتْ ** به الحبُّ والإعدامُ أم أنتَ زائرُهْ وكيف خلاصي من جوى الحب بعدَما ** يُسَرُّ بـه بطنُ الفؤادِ وظاهرُهْ وقد مات قلبي أول الحبِّ فانقضى ** فإن مِتُّ أضحى الحبُّ قد مات آخرُهْ وقيل إن نسوةً من عشيرته جلسن إليه، فقلن له: ما الذي دعاك إلى كل ما نرى في هوى ليلى؟ فهل لك أن تصرف هواك إلى إحدانا فنساعِفَكَ ونجزيَك ويرجعَ إليك ما غاب من عقلك وجسمك؟ فقال لو قدرت على ذلك فعلت. فقلن له: ما الذي أعجبك منها؟ قال: كل شيء رأيتُه وشاهدتُه وسمعتُه منها أعجبني. وقال: بيضاءُ خالصةُ البياض كأنها قمرٌ توسّط جُنْحَ ليلٍ مُبرَدِ موسومةٌ بالحسنِ ذاتُ حواسدٍ إنّ الجمالَ مَظِنَّةٌ للحُسَّدِ ووَجّهَ لومَه للذين يلومونه في حب ليلى قائلاً: هوى صاحبي ريحُ الشمال إذا جرتْ ** وأهوى لنفـسي أن تَهُبَّ جَنوبُ فويلي على العـذال ما يتركونني ** بغمّي أما في العـاذلين لـبيبُ؟ يقولون لو عزيت قلبك لارعوى ** فقلت وهل للعـاشقـين قلوبُ؟ دعاني الهوى والشوقُ لما ترنمت ** هَتوفُ الضحى بين الغصون طَروبُ فقلتُ حــمامَ الأيكِ ما لكَ باكياً؟ ** أفارقتَ إلـفاً أو جـفاكَ حبيبُ؟ تُذّكرني ليلى على بعــدِ دارِها ** وليلى قتَـولٌ للرجالِ خَــلوبُ وقد رابني أن الصَّبا لا تُجيبني ** وقد كان يدعوني الصَّبا فأُجـيبُ فلو أن ما بي بالحصا فَلق الحصا ** وبالريحِ لم يُسمع لهن هـبوبُ ولو أنني أستغفرُ الله كــلما ** ذكرتكِ لم تُكـتبْ عـليَّ ذنوبُ ومع كل ما يحس به من ألم الحب ومعاناته إلا أنه يلذ له ذلك ويتمنى المزيد من حرقة الحب قائلاً: أيا هجرَ ليلى قد بلغتَ بي المدى ** وزدتَ على ما لم يكن بلغ الهجرُ عجِبتُ لسعي الدهر بيني وبينها ** فلما انقضى ما بيننا سكنَ الدهرُ فيا حبَّها زِدني جوىً كلَّ ليلة ** ويا سلوةَ الأيام موعدُكِ الحشرُ تَكاد يدي تندى إذا ما لمستُها ** وينبت في أطرافها الورق النضرُ فلو أن ما بي بالحصا فلق الحصا ** وبالصخرة الصماء لانْصدعَ الصخرُ لقد لصقت صفة الجنون بقيس، ولكن كيف يصح أن يكون مجنوناً من يفكر في عواقب الأمور ويتمعن فيما آل إليه حاله وما ينتظره في المستقبل من فقر ووحشة بسبب حبه؟ فشاعرنا المعروف بالمجنون قال: أَظُنُّ هَواها تارِكي بِمَضَلَّةٍ ** مِنَ الأَرضِ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ وَلا أَحَدٌ أُفضي إِلَيهِ وَصيَّتي ** وَلا صاحِبٌ إِلا المَطيَّةُ وَالرَّحلُ وكان يصور ليلى في التراب فيتمعن فيها ويشكو لصورة ليلى ما كان يحس به من وجد وكأنه يشكو للتراب: أصور صورةً في الترب منها ** وأبكي إنّ قلبي في عذابِ! وأشكو هجرها منـها إليها ** شكايةَ مُدنَفٍ عَظِمِ المُصابِ وأشكو ما لقِيتُ وكـلَّ وجدٍ ** غراماً بالشكـاية للترابِ وقيل إن أباه قال له أنا أزوّجك أشرف وأحسن من ليلى، فبكى وقال: لليلى على قلبي من الحب حاجزٌ ** مقيمٌ ولكن الفراقَ عظيمُ إلى الله أشكو فقدَ ليلى كما شكا ** إلى الله فقدَ الوالدين يتيمُ يتيمٌ جَفاه الأقربون فعظمُه ** ضعيفٌ وعهد الوالدين قديمُ واحتال أهل قيس لإصلاحه وعلاجه بإرسال شخص يخبره أن ليلى تشتمه وتنقصه، عساه أن يداخله كرهها، فلما سمع قيس ذلك الادعاء أنشد: تَمُرُّ الصَّبا صَفحاً بِساكِنِ ذي الغَضى ** وَيَصدَعُ قَلبي أَن يَهُبَّ هُبوبُها إِذا هَبَّتِ الــريحُ الشَمالُ فَإِنَّما ** جَوايَ بِما تهدي إِلَيَّ جَنوبُها قَريبَةُ عَهدٍ بِالحَبــيبِ وَإِنَّما ** هَوى كُلِّ نَفسٍ حَيثُ كانَ حَبيبُها وَحَسبُ الليالي أَن طَرَحنَكَ مَطرَحاً ** بِدارِ قِلىً تُمسي وَأَنتَ غَريبُها حَلالٌ لِلَيـلى شَتمُنا وَانتِقاصُنا ** هَنيئًا وَمَغفـورٌ لِلَيلى ذُنوبُها | |
|
سليمان المهدي مشرف منتدى المقهى الادبي
الاوسمــه : الاوسمــه : عدد الرسائل : 129 تاريخ الميلاد : 07/03/1984 العمر : 40 المزاج : متشيطن محـل الإقـامـه : رازح _ صعدة نقاط : 188 تاريخ التسجيل : 19/05/2009
| موضوع: رد: هوى كل نفس حيث كان حبيبها الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 12:30 pm | |
| عمر الشايف أستاذي العزيز أشكرك كثيراً على هذا الإثراء للموضوع لقد زدته تألقاً مرحباً بهذا الهطول الممتع
| |
|