طُفولةٌ حزينة

نُشاهد في أكثر من مسجدٍ وقوف شخصٍ أو أكثر عقب الصلاة حاملاً طفلاً أو طفلةً، وبجانبه - أيضاً - اثنان أو ثلاثةٌ من البنين والبنات الصغار، ويبدأ بعرض حالته المأساوية ويُشير نحو الأطفال الصغار، ويحلف الأيمان أنَّهم بدُون طعامٍ لفترةٍ طويلة، وأنَّ هُناك رُضَّعاً صغاراً في البيت مُحتاجون للحليب، ويتصاعد المشهد الدرامي إلى أن يجهش بالبُكاء تعبيراً عن حالته المُزرية التي فرضت عليه الوقوف في مثل هكذا موقف، شاعراً بالذُّلِّ والخجل، رُغم أنَّه شباب، لكنَّه لم يجد العمل الذي يكسب منه ويصرف على أفراد أُسرته.
ما يحزنني في هذه المشاهد التي تتكرَّر عقب كُلِّ صلاة، هُو رُؤية الأطفال الصغار الأبرياء وهُم يُحدِّقون بنظراتهم تارةً نحو وجه الأب الذي يذرف الدُّموع، ولا شكَّ أنَّهم يشعرون بالحُزن على أبيهم، وتارةً أُخرى يُوزِّعون نظراتهم في وجوه ما تبقَّى من الحُضور، الذين يستمعون لما يقوله الأب، وتُشاهد الأطفال يقضمون أظافرهم شُعوراً بالحياء. وما إن ينتهي ذلك الأب من شرح حالته وظُروفه القاسية، حتَّى يكون الكثير من المُصلِّين قد تركوا المسجد، ورُبَّما خرج هُو بمبلغٍ زهيدٍ للغاية.
كثيرٌ من الناس يتعاملون مع هذه المشاهد بطريقةٍ عاديةٍ جدَّاً، وقليلٌ جدَّاً يتأثَّرون بها ويتمنُّون لو تختفي، ليس بالقهر والإكراه، ولكن بإيجاد حلٍّ لمثل هذه الأُسر التي أصبح التسوُّل مصدر عيشها.
المُؤلم في المشهد هُو أُولئك الأطفال الذين يقفون مُجبرين بجانب الأب وملامح الحُزن والمرارة غائرةٌ في أعماقهم، لماذا لا يفرحون ويمرحون ويعيشون كبقيَّة الأطفال؟ لماذا لا يكون اصطحاب مثل هؤلاء الآباء لأطفالهم إلى المدارس بدلاً من التنقُّل بهم من مسجدٍ إلى آخر ومن باب متجرٍ إلى آخر ومن جولةٍ إلى أُخرى؟ إنَّها جريمةٌ مُجتمعيةٌ بحقّ مثل هؤلاء الأطفال.
أمَّا الآباء، الذين يستخدمون أطفالهم وسيلةً لاستثارة الرحمة والشفقة، فهم بذلك يُؤذون مشاعر أطفالهم ويُحطِّمون معنوياتهم، ويُمكنهم التفكير في طُرق رزقٍ حلال بالجُهد والبحث عن أيِّ عملٍ شريفٍ يُحافظ على كرامتهم وكرامة أطفالهم.
وقبل ذلك، فإنَّ التدبير نصف المعيشة، فالتدبير يبدأ بتقنين الإنجاب، ومثل هذا الأب الذي يتسوَّل ويذرف الدُّموع خجلاً واستحياءً، لماذا لا يُفكِّر في مصير هؤلاء الأطفال إذا كان عاجزاً عن توفير لُقمة العيش لهم؟ لماذا لا يلجأ إلى تنظيم الأُسرة ويُحدِّد إنجابه وفق قُدرته المادِّيَّة؟ فهُو يتحمَّل جُزءاً من المسؤولية، أمَّا المسؤولية الكبيرة، فتقع على مُؤسَّسات المُجتمع المعنية بالرعاية الاجتماعية والطُّفولة، نقول لهم : «ارصدوا هذه الحالات وادرسوها، إذا كان ربّ الأُسرة أو أيّ فردٍ فيها قادراً على العمل، دبِّروا لهم أعمالاً ليكسبوا رزقهم من عَرَق جبينهم، أمَّا إذا اتَّخذوا من التسوِّل وسيلةً سهلةً للكسب المادِّي، ويرفضون العمل، فتصرَّفوا معهم بطريقةٍ أُخرى».
المُهمُّ، لا يجوز أن يكون هُناك في المُجتمع أطفالٌ ينشأون تحت الذُّلّ والمهانة والجُوع، فنحنُ مسؤولون جميعاً عن هذا الظُّلم، وسوف نُحاسب عليه يوم القيامة.

مشكور اخي العزيز ياسين على هذا الموضوع المهم
واسمح لي ان اعقب على موضوعك

من عجائب التسول في اليمن

كشفت حادثة إفلاس البنك الوطني اليمني مؤخرا حقيقة أن التسول هو طريق الفقراء إلى الثراء في اليمن، حيث تقدم شحات (متسول) إلى المحكمة اليمنية ليطالب البنك المفلس بمبلغ قدره 6 ملايين ريال كان قد أودعها في البنك قبل إشهار إفلاسه.
و تنتشر ظاهرة التسول بشكل متنامي في اليمن خاصة مع ارتفاع القابعين تحت خط الفقر وتزايد معدل البطالة العام بشكل مرعب.
و تشير الإحصائيات إلى أن التسول يمثل المصدر الوحيد للدخل لدى 1.5 مليون نسمة من سكان اليمن، فيما يؤكد باحثون ارتفاع معدلات التسول بصورة مطردة جراء، استمرار التدهور المعيشي لدى غالبية السكان، والانتشار الكبير لمشكلات الفقر والبطالة والأمية.
وقد أثبتت الدراسات أن من أكثر أساليب التسول في اليمن، استخدام النساء للأطفال كوسيلة لجذب تعاطف الناس، في الميادين العامة، وبحجرهن صبية، فمن الطبيعي أن تشاهد أمهات يتسولن من خلال عرض إعاقة أطفالهن.
كما تمارس الفتيات التسول في الأماكن العامة، ويتعرضن في كثير من الأحيان إلى المضايقات والتحرش للجنسي قبل منحهن خمسة أو عشر ريالات يمنية زهيدة.
وفي أحيان أخرى يعرض البعض رجالا ونساء وثائق موقعة من قضاة أو عدول أو تؤكد أن الشخص المعني يعاني الفقر ويستحق المساعدة.
والأمر المثير للدهشة هو أن هناك الكثير من المتسولين الفقراء استطاعوا بناء عمارات ومشاريع تجارية، واصبح لديهم أرصدة في البنوك، حيث كشفت حادثة إفلاس البنك الوطني في اليمن فقدان متسول مبلغا قدره 6 ملايين ريال كان قد أودعها في البنك قبل إشهار إفلاسه.
والغريب أن معظم هؤلاء الفقراء الذين يسعون إلى الثراء عن طريق التسول لا يعتزلون هذه المهنة، بل يظلون يمارسونها كهواية تعودوا عليها حتى وان لم يعودوا بحاجة إلى استجداء الناس.
ويرى الباحثون الاجتماعيون في اليمن أن نسبة من المتسولين يمارسون التسول بناء على طلب رب الأسرة أو الزوج، ومعظم هؤلاء من النساء اللاتي يجبرهن أزواجهن أو أولياء أمورهن على ممارسة التسول لتلبية احتياجات الأسرة، وفي أحيان لتلبية الاحتياجات الشخصية لرب الأسرة ومتعه اليومية مثل التعاطي اليومي للقات وشرب المسكرات.
ويصنف الباحثون الاجتماعيون المتسولين في اليمن إلى صنفين: الأول هم المتسولون بسبب الفقر الدائم وعدم القدرة على العمل وغياب مصادر الدخل الكافية، والثاني هم المتسولون الموسميين، وهؤلاء من أفراد الطبقة الوسطى الذين تدهورت أوضاعهم المالية خلال السنوات الأخيرة نتيجة لانخفاض معدلات الدخل وانخفاض قيمة العملة المحلية، ناهيك عن تأثيرات البطالة وارتفاع نسبة الإعالة الاقتصادية.
وتفيد دراسة بحثية لمركز الدراسات الاجتماعية وبحوث العمل أن الفئة الثانية من هؤلاء يمثلون المشتغلين في مهن بسيطة وهامشية والعمال غير المهرة الناشطين بالأجر اليومي وأرباب الأسر كبار السن والأطفال وربات البيوت وصغار الموظفين والعمال والعاملين في القطاع غير الرسمي.
ويؤكد باحثون أن العديد من هؤلاء يتسولون موسميا لسداد أعباء مالية طارئة مثل إيجار المنزل أو لسداد فاتورة كهرباء أو ماء أو هاتف أو لمعالجة مريض.

موضوع: رد: طُفولةٌ حزينة الأحد مارس 14, 2010 6:54 am

مشكور اخي
ياسين الزبيدي
على موضوعك الرائع الطفواه في اليمن مقتوله
وهناك عوامل عديده اهمها
الفقر القاتل في الاسره
الفساد المستشري في الحكومه
غياب الدور الفاعل للتربيه والتعليم

موضوع: رد: طُفولةٌ حزينة الأحد مارس 14, 2010 7:19 am

مشكور اخي
ياسين الزبيدي
على موضوعك الرائع

» هذي قصة حزينة ومؤلمة جدا اثرت فيني ودمعت عيني