اللغه العربية أكبر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وإحدى أكثر اللغات انتشارا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة،1 ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال. وللغة العربية أهمية قصوى لدى أتباع الديانة الإسلامية، فهي لغة مصدري التشريع الأساسيين في الإسلام: القرآن، والأحاديث النبوية المروية عن النبي محمد، ولا تتم الصلاة في الإسلام (وعبادات أخرى) إلا بإتقان بعض من كلمات هذه اللغة. والعربية هي أيضاً لغة طقسية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في العالم العربي، كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى. وإثر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولا، ارتفعت مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وأثرت العربية، تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والفارسية والأردية مثلا.
العربية لغة رسمية في كل دول العالم العربي إضافة إلى كونها لغة رسمية في دول السنغال، ومالي، وتشاد، وإريتيريا وإسرائيل. وقد اعتمدت العربية كإحدى لغات منظمة الأمم المتحدة الرسمية الست.
تحتوي العربية على 28 حرفا مكتوبا وتكتب من اليمين إلى اليسار - بعكس الكثير من لغات العالم - ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها.
يطلق العرب على اللغة العربية لقب "لغة الضاد" لاعتقادهم بأنها الوحيدة بين لغات العالم التي تحتوي على حرف الضاد.
تصنيفها
تنتمي العربية إلى أسرة اللغات السامية المتفرعة من مجموعة اللغات الأفرو-آسيوية. وتضم مجموعة اللغات السامية أيضاً لغات حضارة الهلال الخصيب القديمة (الأكادية) والكنعانية والعبرية والآرامية واللغات العربية الجنوبية وبعض لغات القرن الإفريقي كالأمهرية. وعلى وجه التحديد، يضع اللغويون اللغة العربية في المجموعة السامية الوسطى من اللغات السامية الغربية، فتكون بذلك اللغات السامية الشمالية الغربية (أي الآرامية والعبرية والكنعانية) هي أقرب اللغات السامية إلى العربية.
والعربية من أحدث هذه اللغات نشأة وتاريخاً ولكن يعتقد البعض أنها الاقرب إلى اللغة السامية الأم التي انبثقت منها اللغات السامية الأخرى، وذلك لاحتباس العرب في جزيرة العرب فلم تتعرّض لما تعرَّضت له باقي اللغات السامية من اختلاط.[2] ولكن هناك من يخالف هذا الرأي بين علماء اللسانيات، حيث أن تغير اللغة هو عملية مستمرة عبر الزمن والانعزال الجغرافي قد يزيد من حدة هذا التغير حيث يبدأ نشوء أي لغة جديدة بنشوء لهجة جديدة في منطقة منعزلة جغرافياً.
نشأتها
إن بداية اللغة العربية لا زالت مجهولة وذلك لجهلنا معالم تاريخ العرب القدامى وأقدم نقوشهم الموجودة (على قِلَّتِها) يرقى إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي (النص القرآني في القرن السابع). أقدم نص عربي مكتشف مكتوب بالخط النبطي وهو نقش (النمارة) المكتشف في سوريا والذي يرجع لعام 328م. هنالك العديد من الاراء والروايات حول اصل العربية لدى قدامى اللغويين العرب فيذهب البعض إلى أن يعرب كان أول من أعرب في لسانه وتكلم بهذا اللسان العربي فسميت اللغة باسمه، وورد في الحديث الشريف أن نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. أول من فُتق لسانه بالعربية المبينة، وهو ابن أربع عشرة سنة ونَسِي لسان أبيه، أما البعض الاخر فيذهب إلى القول أن العربية كانت لغة أبينا آدم في الجنة2، إلا أنه لا وجود لبراهين علمية أو أحاديث نبوية ثابتة ترجح أي من تلك الادعاءات [3].ولكن المتفق عليه هو ان اللغة العربية كانت قبل النبي اسماعيل، حيث ان النبي إسماعيل تعلم اللغة العربية من قبيلة جرهم، فنطق بالعربية المبينة اي الفصحى الحديثة، لو اعتمدنا المنهج العلمي وعلى ما توصلت اليه علوم اللسانيات والاثار والتاريخ فإن جل ما نعرفه أن هناك لغتين تفرعَّت عنهم سائر اللهجات العربية، هما اللغات عربية جنوبية واللغات عربية شمالية.
كانت اللغة العربية الجنوبية تختلف عن اللغة العربية الشمالية، حتى قال أبو عمرو بن العلاء (770م) : "ما لسان حمير بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا" فلغة الجنوب أكثر اتصالا باللغة الحبشية(وهي لغة عرب) والاكادية بينما لغة الشمال أكثر اتصالا باللغة الآشورية والنبطية. ويعتقد بعض العلماء أن لغة الجنوب احدى أصول لغة الشمال معتمدين على النقوش المكتشفة في اليمن اذ تتطابق فيها بعض العبارات لفظا وتركيبا
ترجع أقدم النقوش العربية الجنوبية إلى الحميرية والمَعِينية والسبأية والقتبانية القدامى. أما العربية الشمالية ترجع إلى الآرامية والثمودية واللحيانية والصفاوية والديدانية.
بنية اللغة أي لغة لا تبقى ثابتة بدون تغير، فقواعدها ومفرداتها وأنماطها الصوتية كلها تتغير مع الاستعمال ومرور الأجيال، ويكون التغير عادة بطيئاً جداً، وتحدث معظم التغييرات للأشياء التي تستجد، ولما يتغير في الحياة، فمثلاً لا يلاحظ الإنجليز تغير لغتهم من سنة إلى أخرى؛ ولكن إذا حاول الحاليون منهم قراءة نصوص إنجليزية قديمة فسيجدون أنها مختلفة عما يتحدثون به بقدر اختلاف الألمانية والدانماركية عنها، وهناك لغات تعتبر الآن ميتة رغم أنها أصول لبعض اللغات الحية لعدم وجود من يتكلم بها أو حتى يفهمها في الوقت الحالي، مثل السومرية، والبابلية، والحثية، والأكادية، والمصرية القديمة، والعربية الحميرية، وحتى نحن معاشر العرب توجد لغات عربية قديمة لا يمكننا قراءة أو فهم كلمة منها مثل: اللغات المسندية: كالحميرية، والسبأية، والمعينية، والقتبانية؛ رغم أنها كلها لغات عربية، ولكنها تكتب بحروف ورسومات أخرى، وحتى لو تعلم الإنسان قراءة تلك الحروف والمفردات فإنه لن يفهم من تلك اللغات - إذا قارنها بالعربية الحديثة - إلا حزءاً يسيراً، وهو عبارة عن الكلمات التي مازالت حتى الآن على صورتها، بل حتى اللغة العربية في فترات الجاهلية يصعب على كثير من الناس فهم كثير من مفرداتها التي تعتبر الآن غريبة، وتجاوزها الزمن، وأصبحت لا تستخدم بسبب نظرية التطور في اللغات، ولننظر إلى هذا النص الشعري العربي من الجاهلية وهو من معلقة طرفة بن العبد التي كانت معلقة على الكعبة:
أمـون كألواح الإران نصـأتهـا على لاحـب كأنـه ظهـر بـرجـد
جـمالية وجناء تـردي كـأنهـا سـفنـجـة تبـري لأزعـر أربـد
تباري عتاقاً ناجيـات وأتبعـت وظيفـاً وظيفـاً فوق مور معبد
تربعت القفين في الشول ترتعي حـدائق مـولي الأسـرة أغـيـد
كأن علـوب النسع في دأيـاتها موارد من خلقاء في ظهر قردد.
كل هذا مما يؤكد نظرية تطور اللغات، وتبذل مجمعات اللغة العربية في العصر الحديث جهوداً حثيثة لتعريب كثير من المصطلحات الناشئة مثل: مصطلحات الحضارة الحديثة، ومنها كلمات الطائرة، واذاعة، والسيارة، والبرقية.
اللغة العربية من اللغات السامية التي شهدت تطوراً كبيراً وتغيراً في مراحلها الداخلية، وللقرآن الكريم فضل عظيم على اللغة العربية حيث بسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته؛ في حين اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها غدا لغات محلية ذات نطاق ضيق مثل: العبرية، والحبشية، واللغة العربية يتكلم بها الآن قرابة 422 مليون إنسان كلغة أم، كما يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه كلغة ثانية،
لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب؛ وكذلك جميع المفردات المشتقة من الأصل المشتمل على أحرف العين والراء والباء، مثل كلمات: عربية وأعراب وغيرها، وأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملك الآشوري ( شلمانصر الثالث) في القرن التاسع قبل الميلاد، ذكر فيه انتصاره على تحالف ملوك آرام ضده بزعامة ملك دمشق، وأنه غنم ألف جمل من جنديبو من بلاد العرب، ويذكر البعض - من علماء اللغات - أن كلمة عرب وجدت في بعض القصص والأوصاف اليونانية والفارسية وكان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية، ولم يكن هناك لغة عربية معينة، لكن جميع اللغات التي تكلمت بها القبائل والأقوام التي كانت تسكن الجزيرة العربية سميت لغات عربية، وهي لغات متطورة، ومنها لغة عاد وثمود وسواهم، وكانت لغات متقاربة، وتتطور حيناً بعد حين، وتتغير، ومن تلك اللغات القديمة اللغة المهرية المستخدمة حتى الآن في اليمن وعمان ولم تكن تلك اللغات تكتب بالأحرف العربية التي نعرفها الآن، ولكنها مرت بعدة تحولات كثيرة.