هل من الحكمة ان تكون حياديا

نعم أخي الشايف هناك فكر حيادي


وهذا الفكر مقبول في بعض الأحيان ومرفض في البعض الآخر

قد تكون الحياده تعني الإنصاف والعدل

لما في معنى الحديث الشريف

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مِن حُسْنِ إسلام المرء تركه ما لا يَعنيه </A> حديث حسن، رواه الترمذي

الحياديه
مع الترويج الذي اشتد نشاطه لفكرة العلمانية خلال تطورات أخيرة مثل المناقشات الذي سبقت وضع الدستور العراقي المؤقت والجدل وحول المفاهيم المتعددة للإصلاح طرح فكرة ما سمي بحيادية الدولة في مواجهة الأديان أو الدين الواحد باعتبار أن هذا جوهر العلمانية وعنصر الجذب والتميز بها والواقع ٍأن هذا التعريف خاطئ وهو مطروح لأهداف دعائية وتمويهية لأن جوهر العلمانية هو فصل الدين عن الدولة . ولكن عند أي مناقشة لهذا المفهوم يتبين مدى تناقضه وبعده عن الحقيقة . فالدولة العلمانية ليست بأي حال حيادية أو محايدة بخصوص الدين لأن فكرة تلك الدولة تقوم علي تصور معين للدين يرفض طروحاته باعتبارها غير متمشية مع العقل أو العلم أو التقدم أو الفكر الحديث . ولهذا تنشأ فكرة فصل الدين عن الدولة ليس علي سبيل الحياد بأي معني من معانية بل علي سبيل إبعاد شيء مرفوض ويتخلف عن مجال مهم هو مجال الدولة والمجتمع . وإذا سمح لهذا الشيء أن يحتفظ بوجود معين فإن ذلك لا يكون علي سبيل التكريم والإحلال بإبعاده عن التدنس والتلوث والتأثر السلبي الحاصل في معترك المتفاعلات الحيادية أو الدنيوية المختلفة وإنما علي العكس يكون هذا المفصل تكريسا لمنطق الإقصاء والعزل والحبس والعقاب (علي طريقة الجدار العازل الإسرائيلي ) بتهمة عدم العلامة أو تهديد المجتمع إذا أطلق في معزلة وسمح له بدخول المجتمع والحياة الدولية . ومنطق العلمانية الصارمة هذا وهو الذي يطبق علي الإسلام .إن الدولة العلمانية ليست حيادية أو محايدة بسبب بسيط . فهي تحمل عقيدة أو أيديولوجية صارمة متعصبة ضد الدين تقي في الواقع إلي مرتبة الدين المضاد . وقد تعلن هذه الدولة العلمانية عن تبني أيديولوجية أو أخرى (القوية أو الاشتراكية أو الليبرالية ) لكن هذه الأيديولوجية تتبني فوق وتركب علي الدين المضاد الأساسي وهو العداء للدين.

وقد يحاول القائمون بالدعائية العلمانية التغطية علي هذه الحقيقة بالحديث عن حيادية الدولة العلمانية بين أديان أو مذاهب عديدة توجد داخل المجتمع ويصورون العلمانية علي أنها بهذا الوضع شيء إيجابي يضمن عدم جور أحد هذه الأديان علي الأخر والمساواة في المعاملة بينها . لكن هذا الطرح الدعائي بدوره يقوم علي عدة افتراضات وهمية لا تتحقق كثيرا في الواقع . ففي حالة الدول الإسلامية ( وأبرزها تركيا) كانت العلمانية تطبق في بلاد لا توجد فيها أديان غير الإسلامية أو أن وجدت فهي توجد في شكل أقليات صغيرة متعايشة بسلام مع الأغلبيات ومندمجة في نمط المعيشة الإسلامي بعاداته وتقاليده ناهيك عن أن الإسلام من الناحية النظرية والعملية لا يمارس التميز ضدها . وهنا تتحول الحيادية إلي مجرد شعار مرفوع لضرب الدين الإسلامي وإبعاده عن الحياة عندما لا تكون أية أديان غير موجودة . أما عندما توجد بجانب الإسلام أقليات أخرى صغيرة تعيش مندمجة ومنسجمة مع المناخ العام الإسلامي فإن الحيادية تتحول إلي شيء خطير لأنها تصبح هنا عملية إثارة وتحريض وفصل لهذه الأقليات عن الكل الإسلامي ووضعها موضع التمرد والتحقر والعداء ضده ثم استغلال هذا الوضع وتضخيمه لتحويل هذه الأقليات إلي كيانات لها وزن يفوق حجمها والوصول من ذلك إلي نفس النتيجة السابقة وهي ضرب الإسلام ومعاملته ككيان هزيل بل وتأديبه وعقابه علي أخطاء وهمية وكل بحجة المساواة والحيادية بين الأديان . ونحن في الحالتين نصل إلي نفس النتيجة وهي ضرب الإسلام وحججه وفصله عن الحياة . صحيح أن ذلك يتم بطريقتين ولكن تحت نفس المسمي وهو الحيادية والمساواة . ونصل في الحقيقة إلي وضع يتم فيه إطلاق قوى بل واصطناع أديان بشكل مفتعل لكي يضرب الإسلام تحت حجة تحقيق الحيادية والمساواة بين هذه الأديان التي قد لا يزيد عدد أتباع بعضها اليهودية والبهائية عن بضع عشرات من الأشخاص.

إن المحصلة النهائية لمفهوم الحيادية بجانب الخطأ والتضليل الإعلامي وصرف النظر عن جوهر القضايا التي علي المحك هو الوصول إلي نوع من المساواة أو التسوية بالفعل لكنها ليست بين الأديان بل هي تسوية لدين الأغلبية بالأرض وهي مساواة بينه وبين الأموات . والغريب أن من يطرحون هذا المفهوم يطبقون مبدأ الاعتراف بالأغلبية وحقها من تمرير رأيها علي حساب رأي الأقلية في كل أمور الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية لكنهم لا يعترفون بهذا المبدأ في حالة الإسلام وحده .