[size=29]
يشن الغربيون المتعصبون من رجال الدين والاستشراق والاستعمار حملة
قاسية على الإسلام والمسملين بسبب تعدد الزوجات !!! ويتخذون منها دليلاً
على اضطهاد الإسلام للمرأة ، واستغلال المسلمين لها في إرضاء شهواتهم
ونزواتهم .. والغربيون في ذلك مكشوفوا الهدف ، مفضوحوا النية ، متهافتوا
المنطق .
1. فالإسلام لم يكن أول من شرع تعدد الزوجات ، بل كان موجوداً في
الأمـم القديمة كلها تقريباً : عند الأثينيين ، والصينيين ، والهنود ،
والبابليين ،والآشوريين ، والمصريين ، ولم يكن له _ عند أكثر هذه الأمم _
حد محدود ، وقد سمحت شريعة " ليكي " الصينية بتعدد الزوجات إلى مائة
وثلاثين امرأة ، وكان عند أحد أباطرة الصين نحو ثلاثين ألف امرأة !!
2. والديانة اليهودية كانت تبيح التعدد دون حد ، وأنبياء التوراة
جميعاً بلا استثناء كانت لهـم زوجـات كثيرات ، وقد جـاء في التوراة أن نبي
الله سليمان كان له سبعمائة امرأة من الحرائر ، وثلاثمائة من الإماء .
3. ولم يرد في المسيحية نصٌّ صريح يمنع التعدد ، وإنما ورد فيه على
سبيل الموعظة أن الله خلق لكل رجل زوجته ،وهذا لا يفيد -على أبعد
الاحتمالات - إلاالترغيب بأن يقتصر الرجل في الأحوال العادية على زوجة
واحدة ، والإسلام يقول مثل هذا القول، ونحن لا ننكره، ولكن أين الدليل على
أن زواج الرجل بزوجة ثانية مع بقاء زوجته الأولى في عصمته يعتبر زنـًا
ويكون العقد باطلاً ؟ .
ليس في الأناجيل نـص على ذلك ، بل في بعض رسائل بولـس ما يفيد أن
التعدد جائز ، فقد قال : “ يلزم أن يكون الأسقف زوجـاً لزوجة واحدة ” ففي
إلـزام الأسقف وحده بذلك دليل على جوازه لغيره .
وقد ثبت تاريخياً أن بين المسيحيين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من
واحـدة ، وفي آباء الكنيسة الأقدمين من كان لهـم كثير من الزوجات ، وقد
كان في أقـدم عصور المسيحية إباحة تعدد الزوجات في أحوال استثنائية وأمكنة
مخصوصة .
قال وستر مارك Wester Mark) ) العالم الثقة في تاريخ الزواج : ( إن
تعدد الزوجات - باعتراف الكنيسة - بقي إلى القرن السابع عشر، وكان يتكرر
كثيراً في الحالات التي لا تحصيها الكنيسة والدولة ) .
ويقول أيضاً في كتابه المذكور : إن " ديار ماسدت " ملك أيرلندة كان له
زوجتان وسرِّيتـان . اهـ .. وتعددت زوجات الميروفنجيين غير مرة في القرون
الوسطى
وكان لشرلمان زوجتان وكثير من السراري ، كما يظهر من بعض قوانينه أن تعدد الزوجات لم يكن مجهولاً بين رجال الدين أنفسهم .
وبعد ذلك بزمن كان فيليب أوفاهيس ، وفردريك وليام الثاني البروسي
يبرمان عقد الزواج مع اثنتين بموافقة القساوسة اللوثريين ،وأقر مارتن لوثر
نفسه تصرف الأول منهما كما أقره ملانكنون .
وكان لوثر يتكلم في شتى المناسبات على تعدد الزوجات بغير اعتراض ،
فإنه لم يحرم بأمر من الله ، ولم يكن إبراهيم صلى الله عليه وسلم - وهو
مثل المسيحي الصادق - يحجم عنه إذ كان له زوجتان . . نعم إن الله أذن بذلك
لأناس من رجال العهـد القديم في ظروف خاصة ولكن المسيحي الذي يريد أن
يقتدي بهم يحق له أن يفعل ذلك متى تيقن أن ظروفه تشبه تلك الظروف ، فإن
تعدد الزوجات على كل حال أفضل من الطلاق .
وفي سنة 1650 ميلادية بعد صلح وستفاليا، وبعد أن تبين النقص في عدد
السكان من جراء حروب الثلاثين ، أصدر مجلس الفرنكيين بنورمبرج قراراً يجيز
للرجل أن يجمع بين زوجتين .. بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاب تعدد
الزوجات ، ففي سنة 1531م نادى اللامعمدانيـون في مونستر صراحة بأن المسيحي
- حـق المسيحي - ينبغي أن تكون له عدة زوجات، ويعتبر المورمون كما هو
معلوم أن تعدد الزوجات نظام إلهي مقدس .
ويقول الأستاذ العقاد : ( ومن المعلوم أن اقتنـاء السـراري كان مباحاً
- أي في المسيحية - على إطلاقه كتعدد الزوجات ، مع إباحة الرق جملة في
البلاد الغربيـة ، لا يحده إلا ما كان يحد تعدد الزوجات ، من ظروف المعيشة
البيتية . ومن صعوبة جلب الرقيقات المقبولات للتسري من بلاد أجنبية ،
وربما نصح بعض الأئمة - عند النصارى - بالتسري لاجتناب الطلاق في حالة عقم
الزوجة الشرعية .
ومن ذلك ما جـاء في الفصل الخامس عشر من كتاب الزواج الأمثـل للقديـس
أوغسطين ، فإنه يفضل التجـاء الزوج إلى التسري بدلاً من تطليق زوجته
العقيم
وتشير موسوعة العقليين إلى ذلك ، ثم تعود إلى الكلام عن تعدد الزوجات
فتقول : إن الفقـيد الكبير جروتيوس دافع عن الآباء الأقدمين فيما أخذه
بعـض الناقدين المتأخرين عليهم من التزوج بأكثر من واحدة ، لأنهم كانوا
يتحرون الواجب ، ولا يطلبون المتعة من الجمع بين الزوجات .
وقال جرجي زيدان : ( فالنصرانية ليس فيها نص صريح يمنع أتباعها من
التزوج بامرأتين فأكثر ، ولو شاؤوا لكان تعدد الزوجات جائزاً عندهم ، ولكن
رؤساءها القدماء وجدوا الاكتفاء بزوجة واحدة أقرب لحفظ نظـام العائلة
واتحادها - وكان ذلك شائعاً في الدولة الرومانية - فلم يعجزهم تأويل آيات
الزواج حتى صار التزوج بغير امرأة واحدة حراماً كما هو مشهور